(محمد عبدالله الفسيل).. رفيق الكبار ومذيع “البيان” الأول
سبتمبر نت/ خاص
ودّع اليمنيون بمختلف مشاربهم الثقافية والسياسية، الهامة النضالية الكبيرة، أحد صناع الثورات اليمنية الخالدة وحراسها العظام، المناضل “محمد عبدالله الفسيل” والذي لفظ أنفاسه الأخيرة أمس الإثنين في العاصمة المصرية “القاهرة”.
وداعٌ يليق بسيرة الرجل الاستثنائي، البطل الحر، الكبير ورفيق الكبار الذي لا يذكر إلا وذكر النعمان والزبيري والسلال والإرياني وغيرهم من أبطال التحرر اليمني، ممن قارعوا الإمامة والاستبداد وانتصروا لليمني، على طول وعرض الأرض المباركة.
رحل الفسيل، وهكذا عُرف مجرداً من أي لقب كأي بطل عاش للشعب وقريباً من الشعب، ولم يمنعه ذلك في الفترات التي كان فيها قريباً من أصحاب القرار، إلا أن عاش حياته مخلصاً لمبادئه ولقسمه الجمهوري.
ظل فقيد الوطن، الفسيل في خدمة الشعب ورعاية مصالحه، حتى أيامه الأخيرة، لم يبخل يوماً من إسداء نصيحة، أو بث قيم الجمهورية وعظمتها في روح من يجالسه ويأتي إليه، كما يحسب له أنه أكثر من سرد ما يخبئه أو يكتنزه في ذاكرته عن النضال والثورة، عن رفاقه في تلك اللحظات الفارقة، في صبيحة خميس صنعاء، وما بعده وقبله، وقد صحا الجميع حينها معانقاً فجر يوم “صبي”، وهو الـ 26 من سبتمبر 1962م.
رحلة نضالية، تفجرّت في حي الجراف، ففي هذا الحي، شمال صنعاء، كانت إشراقته الأولى إلا أنها لم تكتمل إلا في تعز تعز وعدن وحجة وذمار وإب، وكل منطقة وقرية يمنية، رددت اسمه فيما بعد، وستطل تردد، كونه من الكوكبة الأولى، التي كان لها شرف الإسهام وخوض الملاحم الوطنية، ومن ثم الدفاع عن الثورة وحراسة مبادئها أهدافها والسعي إلى تحقيقها.
طفولة قاسية لم تمنعه من التعليم
عاش الفسيل طفولته التي كانت قاسية كأغلب اليمنيين حينها، إذ توفي والده، وهو في السادسة من عمره، فكافحت أمه من أجل تعليمه، والتي حرصت لأن يلتحق بالكتّاب، وحين انتقلت الأسرة إلى حي الفليحي، واصل تعليمه في مسجدها، لينتقل بعجها إلى مدارس عدة، منها “الإصلاح، والعلمية” وهو الذي ساعده في تحسين ظروفه المعيشية باكراً.
كل ذلك التأسيس جعله ليكون مع الصفوة أو النخبة التي هداها تفكيرها المستنير إلى الانحياز لقيم التحرر، والسعي إلى الخلاص من الإمامة، فكان من ثوار 1948، التي تعد فاتحة كتاب التحرر في اليمن، وكان اليوم برحيله آخر ثوارها الراحلين.
رفيق الكبار
كما أهلته ليكون رفيقاً للكبار من المناضلين، مساهماً في صياغة أدبيات وبيانات الثوار، وكان له شرف قراءة بيان ثورة الـ 26 من سبتمبر 1962.
وفي سيرته تفاصيل تتشابه مع سيرة رفاق دربه، فقد كان من ضمن ناله سجن وتعذيب الطغاة من آل حميد الدين، إذ سيق إلى سجن القلعة في مدينة حجة، عقب فشل ثورة 48، والتي ظل فيها حتى العام 1955م.
وتجمعت في الفسيل عديد صفات كان لا يحملها إلا الأحرار، فهو سياسي وشاعر وصحفي وبرلماني ودبلوماسي محنك، فكما عرفته المحافل في الداخل مثّل بلاده في المحافل الدولية، وكان خير سفير لها وحاملاً لقضيتها.
سفير القضية اليمنية
أما عن تجربته الدبلوماسية، فقد بدأها من بوابة “موسكو” التي كانت بمثابة القطب الثاني للعالم، حينها، إذا عين سفيرا مفوضا عقب قيام الجمهورية، لحاجة اليمن حينها لأن يكون له الرجل المناسب في عاصمة الاتحاد السوفيتي.
لينتقل بعدها مستشاراً في سفارة اليمن في القاهرة، كما عُيّن فيما بعد سفيرًا مقيمًا في الصومال، وغير مقيم في كينيا، وتنزانيا، وأوغندا، ثم عُين سفيرًا لليمن في ألمانيا الديمقراطية.
مستشاراً سياسياً
كما تقلد المناضل الفسيل عددا من المناصب منها مستشاراً لوزير الزراعة بدرجة وزير، ثم وكيلاً لوزارة الأوقاف بدرجة وزير، وفي عهد الرئيس الخالد، إبراهيم الحمدي عُيّن مستشارًا سياسيًّا بدرجة نائب رئيس وزراء.
برلمانياً
أما في فترة الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، عُيّن “الفسيل”، في مجلس الشعب التأسيسي، ثم سفيرًا في العراق، ثم في لجنة الحوار الوطني، التي أفضت إلى توقيع (وثيقة العهد والاتفاق).
ويذكر أن المناضل الفسيل غادر العاصمة اليمنية صنعاء، بعد اجتياحها من قبل مليشيا الحوثي في سبتمبر من عام 2014 الى العاصمة المصرية القاهرة وتوفي هناك، عن عمر يتجاوز الـ 90.
من الرموز الكبار
ونعى اليمنيون رسمياً وشعبياً الفقيد، المناضل الفسيل، ففي رسالة عزاء لأسرته قال رئيس مجلس الشورى الدكتور أحمد عبيد بن دغر، “كان الفقيد واحدًا من أبرز من حملوا على عاتقهم في الأربعينات والخمسينات مقارعة الإمامة الرجعية الكهنوتية المتخلفة، واستنهاض الشعب لإسقاطها، في ملحمة وطنية كان من رموزها الكبار النعمان والزبيري والإرياني وغيرهم من رموز العمل الوطني”.
وأضاف في برقية عزاء لأسرته “هاجر مع رفاق دربه إلى عدن بعد أن يئس الأحرار في بلاط أحمد من تغييره، وكان له فضل المساهمة القيادية في نشأت حركة الأحرار اليمنيين، التي كانت الإرهاصات الأولى والممهدة لثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة.
لم ترهبه السجون
وتابع “كما عرف سجون الإمامة بويلاتها وآلامها بعد فشل ثورة 1948، وظل وفيًا لمبادئه وقيمه الثورية، رغم ما لحقه من تعذيب وأذى، لم ترهبه السجون أو تفت من عضده، وعندما حانت لحظة التغيير التي قضت على إمامة آل حميد الدين، كان صوت الثورة ومذيع بيانها الأول، معلنًا انتصار الشعب اليمن، وقيام الجمهورية”.
ظهرت المقالة (محمد عبدالله الفسيل).. رفيق الكبار ومذيع “البيان” الأول أولاً على سبتمبر نت.
h3>تابع الأخبار على المنصات الاجتماعية
source https://alyemen-happy.blogspot.com/2022/08/blog-post_118.html
تعليقات
إرسال تعليق
ضع تعليق يليق بك